إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد لاإله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تعدّ مصدرًا مهمًا من مصادر التوجيه والتثقيف في أي مجتمع، وهي ذات تأثير كبير في جماهير المتلقين المختلفين، المتباينين في اهتماماتهم وتوجهاتهم ومستوياتهم الفكرية والعلمية والاجتماعية.
وهذا ما أكسبها أهمية في عملية بناء المجتمعات، كأحد العناصر الأساسية المؤثرة في تشكيل ملامحها، وقيمها الفكرية والثقافية والاجتماعية.
ولئن كان الانفتاح الإعلامي لا يخلو في جملته من نفع كما تقدم، لكنه في أغلبه فتح على الناس شرًا عظيمًا ما حسب الناس له حسابًا ، وخصوصًا على فئة الشباب ، حيث انبهر الشباب بما يعرضه هذا الإعلام من فساد مدروس ، ويسهل له الوصول إلى الفواحش ، ويزين له صور السكر ومعاقرة الفجور ، ويعوده على مشاهدة مناظر سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، فيتعلم منه الشاب ألوانًا من العنف والترويع ، ، حتى أصيب جملة من شبابنا بضروب من التفلت على مبادئ دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم، بل وحتى تقاليدهم وعاداتهم الحسنة ، وأصبحوا غير مبالين بأمتهم ومجتمعهم ووطنهم .
و تجاه هذا الواقع هناك عدة وقفات:
الوقفة الأولى: أن الإعلام المسموع، أو الراديو،– الذي احتفل العالم يوم أمس الخميس13/2/ 2014م بيوم عالمي مخصص له – هذا الجهاز شهد أول إرسال حقيقي من محطة في هولندا عام 1919م ، هذا الجهاز لم يخبُ أثره، ولم يقل عدد المستمعين إليه، والمتأثرين به، والمتفاعلين معه، ورغم ظهور بدائل أخرى تفوقه في كثير من المميزات، إلا أنه ظل محتفظًا بسحره مثبتًا قدرته على الاحتفاظ بجمهور عريض.
إن مثل هذه الصفات التي توافرت للإعلام المسموع جديرة بأن تجعله منتدى لأصحاب الفكر الهادف، فيستغلوه لتوعية الأجيال الشابة بقضايا أمتها وبواقعها المعاصر، لتنشأ نشأة مختلفة عما نراه اليوم بين شبابنا، الذين يتعرضون لتسطيح إعلامي يأخذهم نحو الانشغال بالأمور التافهة والشكلية، ويلهيهم عن القضايا المهمة والمصيرية.
الوقفة الثانية: أن كثيرا من القائمين على وسائل الإعلام دخلوا السلك الإعلامي خبط عشواء ، دون تخصص، ولا رغبة أصيلة في الممارسة الإعلامية، ولا هدف أو وعي حقيقي بالدور الذي تتحمل المؤسسة الإعلامية عبئه، لتكون ذات فائدة ونفع للمجتمع، ولا خطط أو منهجيات مدروسة بعناية.
الوقفة الثالثة: مما يؤكد ما ذكرناه آنفا ما نشاهده من تصرفات أصحاب بعض المحطات الإذاعية من تمكين أشخاص لا يقدرون مسئولية الكلمة قدرها، فيحركون النعرات القبلية والطائفية ويحرضون على العنف ضد طوائف معينة، أو يتناولون أشخاصا ومؤسسات من أجل التحريض وبث الكراهية ضدها.
وهذا الأمر من الخطورة بمكان حيث إن العامة والدهماء ينفعلون مع الإشاعات، وربما أقدموا على خطوات تشعل نار الفتنة، ومن ذلك ما نسمعه بين وقت وآخر من محاولات إجرامية لإحراق مساجد ، ومركز استنادا إلى أقوال مبثوثة عبر الأثير لا أساس لها من الصحة.
الوقفة الرابعة: من المخاطر الأمنية الواقعة بسبب مغامرات وسائل الإعلام أن تقوم الوسيلة بنشر أخبار المطلوبين المجرمين، وبوصف أساليبهم في ارتكاب الجريمة وفي كيفية القبض عليهم،، وهذا التصرف السلبي سرعان ما يعلم صغار المجرمين أحدث الوسائل في الإجرام، كما ينبه المحترفين إلى تجنب الخلل الذي اعترى خطتهم وأدي إلى إلقاء القبض عليهم.
الوقفة الخامسة: ترددت الأنباء يوم أمس حول تراجع بلادنا ثلاث درجات بسبب إلحاق بعض العقوبات على صحفيين ارتكبوا أخطاء.. وهنا سؤال يتبادر إلى الأذهان: ما الفرق بين الصحفي وبين غيره أمام القانون؟ وهل خلق أهل الصحافة من طينة غير طينة الآخرين من بني البشر؟ إذا كان القانون يطارد المدرس وأستاذ الجامعة، ويلاحق المدير والوزير وإمام المسجد ومحفظ كتاب الله، ومعلم الناس الخير،، فلم يكون الصحفي في منأى عن تطبيق القانون؟ فلتنزل البلاد عشر درجات أو عشرين درجة عن ذلك التصنيف ، إذا كان تعميم العدالة على الناس كلهم يعني الهبوط والنزول،، نعم نزول حسب مقاييسهم، لكنه صعود وأي صعود- حسب مقاييس دين رب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾ ” ولو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”
اللهم أعنا على طاعتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.