Audios Wolof    Français
 
 

الرئيسية > المحاضرات والخطب النصية > الخطب النصية > سلسلة قيمة الوقت عند العلماء

 
آفات تقتل الوقت


إنّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعِينه ونستَغفِره ونتوب إليه، ونعوذُ باللهِ مِن شرور أنفسِنا ومِن سيِّئات أعمالِنا، مَن يهدِه الله فلاَ مضِلَّ له، ومَن يضلِل فلاَ هادِيَ له، وأشهَد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وَحدَه لاَ شريكَ لَه، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.
﴿أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ،
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ . أمّا بعد: فإن أ صد ق الحديث كتاب الله عزّ وجلّ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آ له وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.ثم أما بعد:

فاعلموا أيها الإخوة المؤمنون.. أن هناك آفات وعوائق كثيرة تضيِّع على المسلم وقته، وتكاد تذهب بعمره كله إذا لم يفطن إليها ويحاول التخلص منها، ومضيعات الوقت الشائعة مصدرها أمران : الأمر الأول : البيئة من حولك، والأمر الثاني ذاتك ، فالبيئة مثل الزوار والمكالمات الهاتفية والاجتماعات غير المثمرة ووسائل الإعلام من مرئية ومسموعة ومقروءة، أما الذاتية فمثل الفوضى وعدم القدرة على التنظيم، والتسويف .
وكثيراً ما نتساءل: لماذا فلان ينجز في يومه ما لا أستطيع القيام به؟ أليس اليوم بالنسبة لنا متساوياً فالكل يملك 24 ساعة في يومه؟ إن الفرق بين الأشخاص الذين ينجزون هدفاً تلو الآخر وبين الأشخاص الذين لا يحققون أهدافهم يكمن بدرجة عالية في عملية تحكمهم في هذه الأربع والعشرين ساعة.

ومن هذه العوائق والآفات الصادرة من الإنسان:
الغفلة: وهي مرض خطير ابتلي به معظم المسلمين حتى أفقدهم الحسَّ الواعي بالأوقات، وقد حذَّر الشارع من الغفلة أشد التحذير حتى إنه ليجعل أهلها دون الأنعام، يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ﴾ الأعراف:179
التسويف: وهو آفة تدمر الوقت وتقتل العمر، وللأسف فقد أصبحت كلمة "سوف" شعاراً لكثير من المسلمين وطابعاً لهم، يقول الحسن: "إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك" فإياك أخي المسلم من التسويف فإنك لا تضمن أن تعيش إلى الغد، وإن ضمنت حياتك إلى الغد فلا تأمن المعوِّقات من مرض طارئ أو شغل عارض أو بلاء نازل، واعلم أن لكل يوم عملاً، ولكل وقت واجباته، فليس هناك وقت فراغ في حياة المسلم، كما أن التسويف في فعل الطاعات يجعل النفس تعتاد تركها، وكن كما قال الشاعر:

تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري * * *  إذا جنَّ ليلٌ هـل تعـيشُ إلى الفجــرِ

فكم من سليمٍ مات من غير عِلَّةٍ  * * * وكم من سقيمٍ عاش حِيناً من الدهرِ

وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً * * * وقـد نُسجتْ أكفانُه وهـو لا يـدري

الإعراض عن فضول الكلام وفضول العلم:
أيها الأخ المسلم اجعل قاعدتك في هذه الحياة قوله صلى الله عليه وآله وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" ، فإنك لو طبقتها فكم ستوفر من الأوقات، فكأن أكثر الناس في الحقيقة نصف عمره هو فيما لا يعنيه،يتكلم في الناس ويتناول أعراضهم بغير حق شرعي، وإن تكلموا في العلم تكلموا بفضوله؛ لأن العلم له فضول، حتى بعض المسائل من واقعنا لها فضول.
وأضرب لك مثالاً من واقعنا: عندما يأتينا العالم من العلماء الذين وقتهم ثمين جداً -لأنه لو لم يأتنا في هذا اليوم لنفع الله به في مكان آخر، فهل جاءونا نحن لكي نضيع عليهم أوقاتهم فيما لا يعنيهم، فالأسئلة التي نسأله مكررة ومعروف رأيه فيها ، وليس فيها جديد، وكلامه ليس فيه جديد، ونترك قضايا مهمة جداً فلا نعرضها عليه، فأضعنا أوقاتنا وأوقات العلماء،وليس ببعيد عن ذلك أن نكلف العلماء بتكرار الكلمات والمحاضرات التي ألقوها وسجلت عبر الأشرطة ونشرت في كل مكان.
سوء استخدام وسائل الإعلام وفي مقدمتها التلفاز:
فتجد الواحد من مضيعي أوقاتهم جالسا أمام الشاشة وليس عنده فكرة عن البرنامج الذي جلس لأجه، فكأنه جلس للشاشة وليس لما يبث فيه، وينسى أن الدقائق التي تمر عليه محسوبة عليه ومسحوبة من عمره.
أما المعوقات التي تصدر من البيئة المحيطة بنا فمنها:

  • الزيارات المفاجئة من البطالين.ومعلوم أن للإسلام تعاليم مركزة تخص آداب الزيارة(الترتيب-التوقيت-المدة)
  • المكالمات الهاتفية الزائدة عن الحد، والإسهاب حيث يمكن الاختصار.
  • كثرة المناسبات الاجتماعية التي يدعى إليها الإنسان ويضغط عليه حتى يحضر.

من الأسباب الحاملة على عدم احترامنا للوقت :

  1. لأن الوقت معنوي غير محسوس، فيمضي والإنسان لا يشعر به .
  2. لأننا تعودنا على ذلك، وكثير من عاداتنا اليومية تساعد على إضاعة الوقت.
  3. لعدم الاهتمام بالبدايات والنهايات للأعمال.
  4. الجهل بأهمية الوقت. (وأنه كالسيف إن لم تقطع به قطعك)
  5. عدم القدرة على التعامل مع مضيعات الوقت.
  6. مصاحبة ذوى الهمم الضعيفة.
  7. عدم الاستشعار بأننا محاسبون على أعمالنا وأوقاتنا.

أيها الإخوة المؤمنون..اذكروا على الدوام واعلموا أنّ الله تعالى قد أمركم بالصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المتّقين ورحمة الله للعالمين، فقال سبحانه في الكتاب المبين: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا﴾

اللّهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائه الأربعة...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الكفر والكافرين واحم حوزة الإسلام، واكفنا كيد الكائدين ومكر الماكرين وسحر الساحرين وبغي الباغين والطغاة المتمردين وجنود إبليس أجمعين. وأقم الصلاة.

(1427/5/13هـ = 2006/6/9م)

تحميل

 
 
إعلان هام:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد المرسلين بينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،، أما بعد:
فيقول أبو إبراهيم محمد أحمد لوح : إن هذا الموقع ( www.drmalo.com)هو المعبر الالكتروني الرسمي عن مقالاتنا وخطبنا ودروسنا ومحاضراتنا وبحوثنا ومؤلفاتنا، وأي نص منشور في الشبكة، أو منسوخ منها منسوب إلي ولا يؤخذ بحرفيته من هذا الموقع فهو يعبر عن وجهة نظر ناشره، وليس عن وجهة نظري بالضرورة.. والله الموفق..