حصاد العام الثاني

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه،، والصلاة والسلام على من أرسله الله واجتباه،وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد:

فها هو ذا العام الثاني والثلاثون بعد أربعمائة وألف قد انصرم، وهو عام فيه يغاث الناس، لكثرة من خلَّفه من الضحايا بما كسبت أيدي الناس، حتى قال قائلهم – دون مبالغة-: إنه عام دموي على هذه الأمة.
نعم إن أرقام الضحايا المسجلة خلال هذا العام كانت مهولة:
ففي تونس 300 قتيل حسب وكالة الأنباء الفرنسية [1]
وفي الثورة المصرية 840 قتيلا على الأقل حسب الجزيرة نقلا عن منظمة العفو الدولي: [2]
أما الأحداث في ليبيا فتتحدث الأنباء عن 50 ألف قتيل، حسب BBC [3]
وبإضافة المفقودين والجرحى يبلغ العدد: 150 ألفا : [4]
وفي سوريا 5000 قتيل حتى الآن نقلا عن وكالة (رويتر) للأنباء: [5]
وفي اليمن 2195 حسب وكالة “مأرب برس” عن مركز “أبعاد” للدراسات والبحوث: [6]
وفي البحرين تتحدث human rights watch عما يقارب المائة قتيل.
مع العلم بأن هذه الأرقام سجلت سابقا ولا تتناول الضحايا التي سقطت بعد ذلك، فالرقم الإجمالي حسب التقديرات قد جاوز 70 ألف نفس قتيل.

وهذه مصائبُ كبيرة ، وفتنٌ هوجاء حلت بهذه الأمة، ولا يوجد مسوغٌ لسفك هذه الدماء المسلمة على الإطلاق، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا” [7]
وقال صلى الله عليه وىله وسلم: ” لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما.” (رواه البخاري عن ابن مسعود برقم 6862)
هذا: وفي الآونة الأخيرة تواردت الأنباء المؤسفة من اليمن تفيد عن محاصرة الرافضة الحوثيين لإخواننا من أهل الحديث في قرية “دماج” اليمنية، حيث توجد مدرسة دار الحديث التي أسسها العلامة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله، وبلغ عدد طلابها في حياته 5000 طالب، من مختلف الجنسيات، العربية والإفريقية والأمريكية والأوربية، اجتمعوا في ذلك المكان تحت رابطة المعتقد الواحد، والرغبة الواحدة؛ فإن هؤلاء لم يخرجهم من ديارهم غير الرغبة في طلب العلم الشرعي، والتفقه في الدين..على منهج السلف الصالح، هكذا نحسبهم والله حسيبهم.

فمن الحقوق الواجبة على أهل السنة والجماعة –أينما كانوا، وإلى أي تيار ينتمون- أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء لإخوانهم بالنصر والتمكين، وأن يعلموا أن مثل هذا الظرف غير مناسب لإثارة الأضغان والخلافات المذهبية ونحوها؛ إذ من المعلوم لمن قرأ تاريخ السلف أنهم تمكنوا قديما من الوقوف بكل طوائفهم ومذاهبهم في وجه الرافضة، فحاربوهم فكريا حتى في المصطلحات، فلا تكاد ترى في كتبهم عبارة “أهل السنة” في مقابل “الشيعة” إلا كان المراد بها كل الطوائف المنتسبة إلى السنة وإن كان فيهم بعض الحيدة عن جادة السنة، فكان ردا مباشرا على سعي الرافضة في ذلك الوقت إلى تحييد أهل الحديث عن جمهور المسلمين، بتصوير الخلاف الواقع خلافا بين الشيعة وأهل الحديث، فكان من فقه أئمة السلف جمع الصفوف أمام ذلك الطوفان الرافضي الجارف.
و لا زالت الرافضة تضرب على ذلك الوتر القديم؛ إذ يزعمون أنه لا خلاف بينهم وبين عامة طوائف المسلمين، وإنما خلافهم مع السلفيين الذين يسمونهم بالوهابية! فهل السلفيون اليوم قادرون على الاستفادة من منهج سلفهم الصالحين في السعي لتحييد الرافضة جانبا، وجمع أهل السنة بطوائفهم – لمواجهة هؤلاء- تحت مظلة المشتركات السنية، كموالاة الصحابة كلهم، وتعظيم الوحي كتابا وسنة، وحصر العصمة في المبعوث رحمة للعالمين، وغيرها من المبادئ المشتركة؟
ومن جهة أخرى كنا نتحدث في مستهل شهر محرم 1432هـ – ومن خلال مقالتنا الشهرية- عن إحصاء زوار هذا الموقع فكان الحديث حول 000 18 زائر ونيف خلال العام الأول،، وبمراجعة واقع الزوار في غرة محرم 1433هـ وجدنا أن عدد الزوار قفز إلى 881 44 زائرا أي أن العدد تضاعف خلال العام أكثر من ضعفين.
وهذا – ولله الحمد والمنة – دليل على أن الموقع بدأ يأخذ مكانه بين المواقع العلمية التي تحظى بالقبول لدى القراء، غير أن هذا التصاعد المطرد في عدد القراء يضاعف من المسئوليات المناطة على عاتق القائم على هذا الموقع تجاه القراء،،
وأداء هذه المسئولية على النحو المأمول ليس بالأمر الهين، نظرا لوجود عدد من الصعوبات والتحديات التي تحول دون الإسراع في تغذية الموقع بالمواد الدسمة النافعة.
من هذه التحديات: أن من يقوم بتزويد الموقع بالمقالات والخطب وغيرها شخص واحد، يعاني من ضيق في الوقت شديد، لتراكم الأعمال العلمية ، والدعوية والتعليمية، وغيرها.
ومنها: أن البحوث العلمية المتوفرة لديَّ معظمها من البحوث التي تقدمت بها إلى مؤتمرات ولقاءات إقليمية ودولية، ومعلوم أن كثيرا من الجهات المنظمة للمؤتمرات توزع نسخا من الأبحاث المقدمة من المشاركين.
والواقع أن بعض من تقع النسخ بأيديهم يقوم –سامحه الله- بنشرها على المنتديات والملتقيات على الشبكة دون عزو إلى الباحث الأصلي، فيكتفي أوسطُهم طريقة بقوله “منقول” أو يقول:” أملاه أبو فلان” ولا يزيد.

فمن المتعب حقا أنني قبل نشر أي بحث أقوم بالتأكد هل هو مما نشر أولا ؟ فأجد أن الكثير منها قد نشر في المواقع دون تغيير، أو مع تعديلات طفيفة دون إحالة صريحة ، وهذا يلجئني إلى إدخال تعديلات على بحوثي حتى لا يظن مغرض أنني نسخت بحث غيري، خاصة أن أولئك الناشرين يقومون بذلك غالبا قبل إنزال البحث إلى الموقع، بل قبل إنشاء الموقع أحيانا.
ومن المضحك المحزن! أن بحثا من البحوث كنت أعددته سنة 2000م وألقيته على جمعية في جدة ، ومرة أخرى في الكويت سنة 2002م على هامش الملتقى الربيعي، وثالثا سنة 2004 على حلقة البحوث العلمية في جامع عبد الله بن المبارك، هذا البحث قمت بإنزاله على الموقع قبل التأكد الكافي من الشبكة، فإذا بأحد المغرضين الفاشلين ينشر في بعض الأوساط المحلية أن هذا البحث منتحلٌ وأنه نشر على الشبكة من قبلُ ، وبالرجوع إلى الشبكة هالني ما وجدت، حيث عثرت على البحث منشورا في إحدى الملتقيات بتعديلات يسيرة ، حتى المقدمة التي كتبتها بيدي بقيت كما هي! وهذه شبهة قبيحة يستغلها مبتغو التشويه .
لكن لولا سوء الطوية وتلوث المقصد لعلم ذلك المغرضُ أنني – ولله الحمد والمنة – لست في حاجة إلى انتحال مثله ، وأن غفلتي – لو كنت منتحلا- لم تصل إلى درجة نقل بحث من الانترنت بحرفيته لأضعه في موقعي ناسبا إياه إلى نفسي.
نعم – كغيري من الباحثين- أستفيد مما دونه العلماء أمواتا وأحياءً ولست إلا عالة على جهودهم العلمية، لكن تلك الاستفادة مصنفة في سياق المعايير البحثية المقبولة.

أعود فأقول إن هذه القضية تأخذ مني وقتا وجهدا لا يستهان به، في المراجعة والتمحيص والتأكد، والله المعين على كل حال.
وأخيرا: أشكر كل من قدم إلي ملاحظة، أو تنبيها على خطإ أو سهو، أو سبق قلم، ناصحاً ومعينا فجزاهم الله عني وعن قرائنا خيرا على اهتماماتهم .
كما أشكر أخانا الفاضل أبا حليمة المشرف الفني على الموقع على جهوده المباركة، وعلى حرصه على صيانة هذا الموقع وتطويره، فشكر الله سعيه، وبارك فيه.
سائلا المولى عز وجل أن يبارك أوقاتنا، في العام الجديد، وأن يعفو عن زلاتنا فيما مضى، وأن ينصر الإسلام والمسلمين، ويخذل الشرك والمشركين،، ويحقن دماء المسلمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..

غرة محرم 1433هـ


الهوامش

[1http://www.domenal.com/forums/showthread.php?t=18641

[2http://www.aljazeera.net/NR/EXERES/A3A3FFB0-69C1-40FF-8261-3223AC997B98.htm

[3http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2011/08/110830_libya_uprising_casualties.shtml

[4http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=449164

[5http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE7BC0O220111213

[6http://marebpress.net/news_details.php?sid=36586&lng=arabic

[7] رواه النسائي والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع (4361)