تبدل الأحوال وضياع المكتسبات والأموال

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.. وبعد:
فقد سجل التاريخ لمنطقة الغرب الإفريقي حضورا إسلاميا عريضا لحقبة زمنية مديدة، ظل أهلها خلال هذه الحقبة يتفيأون تحت ظلال الإسلام الوارفة، ودخلوا التاريخ بذلك من أوسع أبوابه وتمكنوا من إقناع العالم الخارجي بجدارتهم في القيادة والريادة وبناء الحضارات ورعايتها حين أقاموا الممالك الإسلامية الراقية القوية في هذه المنطقة، لما يزيد على ثمانية قرون، طبقوا فيها شرع الله ، كما برز منهم علماء كبار عرَّفوا بأنفسهم من خلال مؤلفات في العلوم الشرعية، وفي الأدب والشعر العربي والمحلي، بأغراضه المختلفة، وقبل ذلك كله حافظوا على القرآن الكريم حفظا وكتابة فضربوا في ذلك كله أروع الأمثلة..
والمتصفح لصفحات تاريخ هذه المنطقة لا تخفى عليه المكانة المرموقة التي احتلتها بلاد “الصنهاجة” التي أطلق عليها فيما بعد اسم “السنغال” من حيث الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي شهد ترابطا محكما بين الشرق والغرب ، وكانت -ولا زالت- محط رحال الواردين إلى هذه المنطقة .. فعرفت هذه البلاد بإسلامها، ورجالها، وعلاقاتها الإنسانية والتجارية العريضة، واكتسب أهلها بذلك أخلاقا فاضلة، وانفتاحا على العالم مما شجع الناس على السفر إليها قديما، وأحاطت زوارها بالحفاوة الكبيرة التي عرفت بها بلاد “الصنهاجة” حتى اتخذت من رمز “ترانغا” (الحفاوة) شعارا مستحقا خلال هذه الفترة التاريخية..
وكان لأهلها احتفاء واعتداد بالواقع المعاش لدرجة أنهم قرضوا الأشعار المتينة في هذا الاحتفاء ببلدهم، فهذا شاعرهم المفلق القاضي “مَجَخَت كَلَ” (ت 1319هـ = 1902م) يقول: – في وصف منطقة كَجُورْ الواقع في عمق الريف السنغالي- :
إذا كانتْ لدُنيانا جنانٌ *** فجنتها بلا ثُنيا كَجورُ

في قصيدة طويلة وصف فيها تمسكهم بالدين، وازدهار الحياة الاقتصادية، ونقاوة العلاقة الاجتماعية بين أهلها.
ويكفي أن تعلم أن نسبة المسلمين بين الشعب السنغالي بلغت 95% منذ إحصائية ما بعد الاستقلال سنة 1960م، ولا زالت هذه النسبة في ازدياد مستمر، حتى قدرت مؤخرا بما يتراوح بين 97 و 98% فبزَّتْ بذلك عددا من الدول العربية كالأردن، ولبنان، وسوريا ، وفلسطين. [1]
حتى إنني تخيلت أن محرك البحث “غوغل” لو كان موجودا في ذلك الحين وأودع فيه لفظ “السنغال” لبادر إلى رسم الخطوط العريضة مرتبة حسب الأكثر دورانا في الشبكة كما يفعله الآن تماما، فيرسم مثلا: الإسلام- القضاء الشرعي- الحفاوة- العمل – التجارة- ونحو هذه العبارات التي تنم عن أمة جادة تعتصم بأعتاب الدين والأخلاق إلى جانب الجدية في العمل والإنتاج.
أثار اهتمامي فضول الرغبة في إجراء تجربة بحثية في هذا المحرك، فأدخلت لفظ “السنغال” بالحروف العربية فجاءت مقترحات “غوغل” التي يبنيها بناء منطقيا، فهالني ما رأيت من تحول الحال وضياع المكتسبات والمال، فبمجرد الانتهاء من رسم هذه الكلمة بادر هذا المحرك بذكر الكلمات الأكثر ورودا داخل الشبكة العنكبوتية- التي لا تُشبَّه إلا بالمحيطات -، بعد كلمتين فقط رسم عبارة (السنغال والسحر) اضغط هنا فقلت لعل هذه السلبية تعود إلى حساسية أولئك الذين يكتبون بالعربية، فأدخلت الكلمة مرسومة هذه المرة بالإنجليزية ، لعلي أجد ما يخفف الأسى الذي امتلكني بتحول شعب مسلم بهذا الحجم إلى بطل في السحر والشعوذة حسب الباحث “غوغل”، لكن النتيجة جاءت مخيبة للآمال وزادت الطين بلة كما يقولون.
بعد رسم الكلمة تواردت الحروف والكلمات بأسرع من لمع البصر، فأتت الكلمة الثالثة Sénégal dance وتعني (السنغال – الرقص) والرابعة Music وتعني الموسيقى .اضغط هنا
هنا تساءلت في نفسي هل لهذه النتيجة الخطيرة نصيب من الواقع ؟ ثم جلست مندهشا تنهال علي سيول من الأفكار والذكريات ، فخطر ببالي قصتان إحداهما قبل سنتين ، والأخرى قبل أسبوع فقط ، فسّرتا لي لماذا تحول الحال ، وأصبح أكثر الألفاظ ورودا في شان بلدنا تدور حول السحر والرقص والموسيقى،، لنبدأ بالقصة الأولى:
التاريخ: يوم من أيام شهر شوال 1429هـ = أكتوبر 2008م ، والمكان: مطار داكار الدولي، حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهرا ، حين أقمنا لصلاة الظهر، فصلى خلفي ثلة من الرجال تعد بأصابع اليد الواحدة، في بداية الصلاة، وفي نهايتها استقبلت المصلين كما تأمر به السنة المشرفة فرأيت صفا مديدا بعض الشيء، ولفت نظري كهل خليجي خمسيـني ، كان يلقي علي نظرات كأنها تخفي وراءها حاجة ما، فألقيت عليه نظرة متبادلة، فرأيت شيخا تلوح في أفق جبهته ، وفي زوايا ذقنه المحلوق خطوط دقيقة من علامات الشيخوخة، لكنها تكاد تختفي وراء ما يظهر دونها من بريق مطبوع بفعل آثار النعمة والراحة.
والذين يدركون التفاصيل الدقيقة لعادات أهل الخليج في اللباس وطريقة وضع “الغترة” يدرك فورا أنه من السعودية بل من الحجاز، فسلم علي فرددت التحية بالحسنى،، ثم هممت بالقيام فوضع في يدي ورقة صغيرة كتب عليها بالفرنسية عبارة (Hôtel Indépendance ) أي فندق الاستقلال ، وهو فندق يقع في قلب العاصمة مطلا على ميدان الاستقلال، وكان شبه مغلق في تلك الأيام – طبقا لما تتحدث به الأنباء- لمشكلات متأزمة بين الإدارة والعمال.
على أي حال رجاني أن أساعده على ركوب سيارة أجرة إلى الفندق.
فقلت له: إن لم يكن لديك مانع فعندي سيارة توصلك إلى الفندق،، فرحب شاكرا مظهرا بعض الخجل، على عادة القوم عندما تقدم لأحدهم بعض الخدمات الطوعية.
خرجنا من المطار فركبنا سيارتي ، وهو صامت صمتا غير معهود في مثله ممن يردون هذه البلدان ثم يفاجئون بالعثور على من يعرف لسانهم، فحاولت قطع هذا الصمت فقلت له : أهلا بكم في بلد من بلاد الله الإسلامية،، فرفع رأسه كأنما حل لسانه من رباط، فحمد الله، ثم ذكر لي دون سؤال أنه لأول مرة يأتي إلى السنغال،، وأنه من مكة المكرمة..و..و..
فسألته عما إذا كانت زيارته للتجارة أو للسياحة، فنفى أن يكون أتى لأي منهما..
هنا سألته: هل من الممكن أن أعرف سبب زيارتكم لأخدمكم إن استطعت إلى ذلك سبيلا؟ فقال لي -بلسان متقطع-: أتيت لمقابلة “الشيخ” فلان، فذكر شخصا سيء السمعة يرتبط اسمه بالخيانات وسلب أموال الناس بالحيل الخبيثة، والسحر، والشعوذة.
فطرحت عليه سؤالا آخر استفسرت فيه عن السبب في عدم وجود من يستقبله في المطار، وكيف تعرَّف على الرجل ؟؟
فأجاب عن الأول: بأن الذي بينهما سرٌّ لا يريد “الشيخ” أن يطلع عليه أحد حتى أقرب الناس إليه، وعن الثاني: بأن هناك وسيطا سنغاليا في جدة هو الذي دله على “الشيخ”، وبقي- يعني هذا الضيف الوارد- على اتصال مع “الشيخ” لمدة أسبوع حتى اقتنع بالسفر إلى هنا.
سكتّ برهة من الزمن أفكر في قصص أولئك المشعوذين الذي يتصلون عشوائيا بالأرقام الهاتفية الخليجية ، ويتحايلون عليهم لسلبهم أموالهم، وكيف أن اسم السنغال في كل دول الخليج ملتصق بهذه العمليات الوضيعة.
هنا اقترحت عليه أن نمر ببيتي – أولا- لتناول الشاي قبل الوصول إلى الفندق، فوافق على الفكرة.
بعد الوصول آثرت أن أجلس معه في صالة عادية، وليس في المكان الذي اعتدت أن أستقبل فيه الزائرين، أعني مكتبتي، وكان قصدي من وراء هذا التصرف ألا يُصنِّفني بمجرد مشاهدة الكتب ومحتويات المكتبة.
ونجحت الفكرة مباشرة حيث إنه بعد أن استقر به المجلس وتناول ما تيسر من مأكول ومشروب، بدأ يطرق موضوعات فهمت منها أنه يظنني مشتغلا بالتجارة والأعمال، فدار حديثنا حول ذلك غالبا.. حتى طلبت منه –بعد أن زالت الكلفة- أن يفصح عن حقيقة علاقته بالرجل المذكور، فصارحني بأنه جاء إليه ليعمل له أعمالا خاصة من المواهب الإلهية –حسب تعبيره- تحقق له النجاح في عمله، ويدفع عنه شر الحاسدين،، وغير ذلك من الأمور الدائرة حول الدفع والجلب.
حينئذ أحسست بأن علي مسئوليةً كبيرةً تجاه هذا الضيف – الذي ساقه إليَّ القضاء والقدر- في النصح والدعوة والإرشاد، فبدأت بتذكيره بأنه آتِ من بلد انبثق منه نور التوحيد في يوم من الأيام فأضاء مشارق الدنيا ومغاربها، وأنه من بقعة مقدسة يتوجه إليها الناس بعباداتهم وحاجاتهم العاجلة والآجلة، وينفقون الملايين في سبيل الوصول إلى هناك،، كيف غادر هذا البلد المقدس وأنفق من ماله ما أنفق ؛ ليأتي كاهنا دجالا من دجاجلة الآفاق، فيسلبه ماله ودينه، ولن ينال ما يريد..فيعود بخسارتين ؟، وذاكرته بما ورد في من أتى كاهنا، أو عرافا، وصدقه بما يقول..وأسهبت في الكلام بما لا يحضرني كله الآن..
كما قصصت عليه طرفا من موبقات ذلك الإنسان وأساليبه في الاحتيال والمكر والخديعة،، كل ذلك والرجل ينظر إلي وكأنما أسقط عليه، وأمارات الندم والحسرة بادية على وجهه، حتى إنه حاول أن يخفي عني بعض دموعه التي سالت على وجنتيه المنهوكتين من عناء السفر..
ما كدت أنتهي من الكلام حتى أقسم بالله أنه لن يقابل ذلك الرجل، وأنه سيعود على أدراجه إلى مكة وسيؤدي العمرة كما لم يفعله من قبل،، وسيدعو ربه كما لم يدع سابقا،، وذكر أشياء كثيرة لا أحفظها الآن.. قلت له: إن فعلت تكون قد رجعت إلى أهلك سالما غانما..
بعد أن تبادلنا أطراف هذا الحديث الماتع صاحبته إلى فندق آخر أفضل وأكثر هدوء، وكان من حسن حظه أن وجدنا له حجزا على الخطوط المغربية في اليوم التالي فلم يقض في هذا البلد أكثر من أربع وعشرين ساعة..فرجع إلى بلده سالما معافى محملا بما تيسر من أجود أنواع المانجا..!
ذكرني الباحث “غوغل” بقصة هذا الرجل الذي سلمه المولى عز وجل من الوقوع في فخ كاد أن يكون حلقة في سلسلة ضحاياه، وطالما وقع فيه عشرات من أولئك الذين يسمعون لهؤلاء الدجالين..
بقي أن أقول : صدق غوغل فيما نسبه للسنغال حين جعل ثالث أولوياته “السحر”
لكن إذا كان للمرء أن يتساءل: كيف تحول هذا البلد المسلم المعروف بإسلامه قديما إلى وكر عالمي للسحر والشعوذة إلا من رحم ربي ؟،، جاز له أيضا أن يتساءل : كيف انهارت العقيدة الصحيحة عن فئام من ساكني بلد التوحيد،وقعدت بهم الهمم ليتحولوا إلى زبائن عالميين لهؤلاء البسطاء الذين يلعبون بالعقول، ويذهبون بالدين وما تحويه الجيوب..؟ فلولا وجود هؤلاء الزبائن لم يكن لأولئك أن يتجاوزوا حدود بلدانهم، إلى الشرق أو الغرب،، ولولا وجود المفعول لم يكن الفاعل لينصب شيئا أبدا.

أما الحادثة الثانية: فهي ما شهدته العاصمة السنغالية مؤخرا ، حيث توافد عليها حوالي 2400 من كبار المغنين والمعنيات، والموسيقيين والموسيقيات، والراقصين والراقصات،من مختلف أرجاء المعمورة للمشاركة في “المهرجان العالمي للفنون الزنجية” [2]
وشغلوا الناس لمدة واحد وعشرين يوما بالرقص والغناء، وخصصت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة مساحات واسعة للحديث عن هذا المهرجان، وشهدت الإدارات الحكومية ركودا في معاملاتها ؛لانشغال عدد كبير من الموظفين بالمهرجان..
والجدير بالذكر أن هذا المهرجان أقيم منذ انبثقت فكرته إلى حيز الوجود ثلاث مرات : المرة الأولى في السنغال عام 1966م ، والمرة الثانية عام 1977م في نيجيريا، وهذه ثالثة الأثافي..
فما الذي جعل هذا البلد المسلم يستحق إقامة هذا المهرجان من بين الدول الإفريقية مرتين من المرات الثلاث؟
لا شك أن هناك تفسيرات أخرى سيذكرها آخرون، لكن يبقى أهمها عناية هذا البلد بهذه الفنون التي أبرزها الرقص والموسيقى،، وإن كانت هذه الفنون على حساب أعمال أخرى أولى بالعناية، وأجدر بالاهتمام.
هذا : وقد تحدثت الصحف عن الإنفاقات العامة على المهرجان التي تبلغ –حسب المصادر- سبعين مليار فرنك سيفا أي ما يعادل = 000 000 140 دولار أمريكي، وتذكر المصادر أن المليارات العشرين إسهامات خارجية، والباقي – وهو خمسون مليارا – من الحكومة، أي ما يساوي : 000 000 100 $
كما تناولت المعارضة السياسية هذا الحدث بانتقادات لم يسبق لها مثيل ، إذا تركنا جانبا تلك الانتقادات التي وجهت إلى رئيس البلاد عندما أقام تمثاله الكبير والشهير..وأنفق في ذلك ما أنفق.
وبعيداً عن المهاترات السياسية، والمزايدات الإعلامية نكتفي هنا بالإصغاء إلى حديث الأرقام، لنزاهتها ،،وبعدها عن الأغراض، ولأن توجهاتنا أكاديمية بحثية، وليست سياسية فوضوية، ويدور الحديث هنا حول الخمسين مليارا، باعتبارها صادرة من الدولة:
*خمسون مليار ف س: تتيح للدولة بناء 000 5 بيت سكني للعوائل التي تعيش تحت الأوحال والفيضانات لسنوات متتالية، إذا كانت قيمة البيت الواحد 000 000 10 ف.
* وتتيح لها إقامة 100 مركز للبحث العلمي إذا كان المركز يكلف 000 000 500 ف
* وتتيح لها تدريب وتأهيل 666 16 شابا على مهنة شريفة يتقنوها إذا كان تدريب الشاب الواحد يتطلب 000 000 3 ف
* وتتيح لها بناء وتجهيز 833 مركزا صحيا إذا كان المركز يكلف 000 000 60 ف.
* وتتيح لها إنارة 500 قرية إذا كانت إنارة الواحدة بـ 000 000 100ف
* وتصلح لدفع رواتب 833 20 مدرسا لمدة عام كامل إذا كان راتب المدرس يساوي 000 200 ف.
* وتتيح لها تمويل 000 50 شاب من العاطلين عن العمل، لكل شاب 000 000 1ف

هكذا تتحدث الأرقام الحسابية المدققة، وأحسب أن المجالات المذكورة أعلاه مقدمة في باب ترتيب الأولويات، إلا إذا كنا ممن يرجح الإنفاق على “الفنون” على ما سواها، فنستحق بذلك الوسام الذي منحنا إياه “غوغل” وهو أن يكون الرقص والموسيقى في مقدمة ترتيب أولوياتنا.

أخيرا: يتطلع المسلمون ودعاة الإصلاح والوطنيون في منطقتنا إلى طلوع فجر اليوم الذي يتنبه فيه قادتهم للحفاظ على الدين والمكتسبات التاريخية، فيحافظون على مركزهم في القيادة والريادة فيما ينفع، دون تغيير في الثوابت، ولا مساس بالمثل العليا والمبادئ؛ إذ بذلك تسلم شعوبهم وحضاراتهم من الانهيار والزوال،، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ الأنفال 53

والسلام عليكم و رحمة الله
غرة صفر 1432هـ


الهوامش

[1] راجع: http://www.yanabeea.net/vb/showthread.php?t=1280

[2] يمكن زيارة هذه الصفحة: http://www.djazairess.com/elwatani/4321